responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 433
ايها الغافلون الجاهلون بحق قدره لا تَعْلَمُونَ منه شيأ فكيف تضربون له مثلا
بل قد ضَرَبَ اللَّهُ العالم بعموم السرائر والخفايا مَثَلًا لنفسه ولمن اثبت المشركون له سبحانه شريكا من الأصنام والأوثان حيث مثل سبحانه شركاءهم عَبْداً مَمْلُوكاً رقيقا لا مكاتبا بحيث لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من التصرف في مكاسبه بغير اذن مولاه وَمثل نفسه سبحانه مَنْ رَزَقْناهُ اى بمن قد رزقناه مِنَّا يعنى بالاحرار المحسنين لأرقائهم من أموالهم التي وهبها الله لهم تفضلا وإحسانا رِزْقاً حَسَناً حلالا وافرا فَهُوَ يُنْفِقُ ويتصرف مِنْهُ اى من رزقه وكسبه سِرًّا بحيث لا يطلع لإنفاقه احد حتى الفقراء المعطون المستحقون وَجَهْراً على رؤس الملأ هَلْ يَسْتَوُونَ هؤلاء الأحرار المتصرفون في أموالهم بالاستقلال والاختيار وأولئك العبيد المعزولون عن التصرف رأسا الْحَمْدُ لِلَّهِ على ما أعطانا عقلا نجزم به عدم المساواة بين الفريقين ونميز به الحق عن الباطل والهداية عن الضلال بَلْ أَكْثَرُهُمْ لانهماكهم في الغي والضلال لا يَعْلَمُونَ الفرق بين كلا الفريقين لعدم صرفهم نعمة العقل المفاض لهم الى ما خلق لأجله الا وهو العلم بالامتياز المذكور
وَضَرَبَ اللَّهُ ايضا مَثَلًا لنفسه ولتلك المعبودات الباطلة فقال مثلنا ومثلهم مثل رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ اخرس وأصم في اصل الخلقة بحيث لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من التفهم والتفهيم لا لنفسه ولا لغيره وَكيف يقدر على النفع للغير إذ هُوَ في نفسه كَلٌّ ثقل وعيال عَلى مَوْلاهُ حافظه ومتولى أموره ساقط عن خدمته معطل عن المعاونة والمظاهرة مطلقا بحيث أَيْنَما يُوَجِّهْهُ يصرفه ويرسله لطلب المهام لا يَأْتِ بِخَيْرٍ نجح ونيل وهذا مثل الأصنام العاطلة الكليلة التي لا خير فيها أصلا وبالجملة هَلْ يَسْتَوِي ايها العقلاء المميزون هُوَ اى هذا الموصوف بالأوصاف المذكورة وَمَنْ هو منطيق فصيح معرب يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وينال بالخير والحسنى أينما توجه بنفسه او يوجهه الآخر وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ مائل عن كلا طرفي الإفراط والتفريط المذمومين وهذا مثل لله الواحد الأحد الفرد الصمد المتصرف المطلق المستقل في ملكه بالإرادة والاختيار. ثم أشار سبحانه الى علو شأنه وسمو برهانه وتخصصه باطلاع المغيبات التي لا اطلاع لاحد من عباده عليها الا باطلاعه
فقال وَلِلَّهِ خاصة واستقلالا غَيْبُ السَّماواتِ وما فيها من جنود الحق ومصنوعاته وَكذا غيب الْأَرْضِ وما عليها ايضا من جنود لا اطلاع لاحد منا عليها وَاعلموا ايها المكلفون المترددون في قيام الساعة ما أَمْرُ السَّاعَةِ الموعودة وما قصة وقوعها وقيامها بالنسبة الى قبضة قدرته الغالبة إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اى مثل رجع الطرف من أعلى الحدقة الى أسفلها في الدنوّ والقرب أَوْ هُوَ أَقْرَبُ بل هو ادنى واقرب من رجع الطرف إذ فيه الآن متحقق وفي سرعة نفوذ القضاء الإلهي بعد تعلق ارادته الآن موهوم مخيل إذ لا تراخى بين الأمر الإلهي ووقوع المأمور المراد له الا وهما كما مر في تفسير قوله كن فيكون وبالجملة لا تستبعدوا عن الله أمثال هذا إِنَّ اللَّهَ المتصف بجميع أوصاف الكمال عَلى كُلِّ شَيْءٍ داخل في حيطة حضرة علمه وقدرته قَدِيرٌ لا ينتهى قدرته دون مقدور أصلا
وَكيف ينتهى قدرته سبحانه عن مقدوره إذ اللَّهُ المبدئ المبدع قد أَخْرَجَكُمْ وأظهركم أولا مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ وأنتم حينئذ خالون عن مطلق الإدراك بحيث لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً من المعلومات أصلا وَجَعَلَ وهيأ لشعوركم ودرككم أسبابا وأدوات تعلمون بها أنواعا من العلوم حيث هيأ لَكُمُ السَّمْعَ

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 433
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست